يُدرك الكثير من المربين والمعلمين أهمية التعلم التعاوني ، أو العمل في مجموعات ، وما لهما من دورٍ بارزٍ في تنمية مهارات التواصل لدى المتعلّمين، وزرع بذور التعاون، وخلق روح الفريق لديهم.
لكن ومن خلال معاينة تجارب عدة في الفصول الدراسية، تبرز مشكلات عدة، تظهر لدى محاولة المعلّم تنفيذ الأنشطة التعاونية ، وتشكيل مجموعات العمل ، فنجد أنَّ هذه المجموعات تُعيق تقدم بعض الطلبة هذا إن لم يكن غالبيتهم. مما يدفع الطلبة إلى رفض العمل ضمن المجموعة، والتفرُّد بالرأي، والتشاحن، والسعي نحو التنافس بدلاً من التعاون. وبذلك سوف يضيع قسم كبير من أهداف الدرس التعليمية إضافة إلى فشل التعلم التعاوني .
لذا فإن التحدي الحقيقي الذي يواجه العديد من المربين ليس في عدم رغبة الطلبة للعمل سويةً، لكن في فهم الكيفية التي يمكن أن يجمعوا فيها الطلبة بطرائق أكثر فاعلية.
دليلك إلى التعلم التعاوني الفعّال:
فيما يلي مجموعة من النصائح التي تخدم التعلم التعاوني ، وتفيد عند اعتماد طريقة العمل في مجموعات :
1- هل البيئة الصفية مواتية لتعلّم المجموعات
يُعاني الكثير من المدرسين من تركيب البنية الصفية، بما تحتوي عليه من قيود قد تعيق تنفيذ التعلم في مجموعات مثل العدد الكبير للمتعلّمين في قاعات الفصول، ووضعية المقاعد التي يجلسون عليها، إذ لا يُنكر أن العدد المناسب داخل الفصول يُساعد على تطبيق استراتيجيات التعلم التعاوني بفاعلية.
ولكن الصعوبة لا تعني انعدام الإمكانية، فالمدرّس المتمكن من مهارة الإدارة الصفية، يستطيع تأهيل وإعادة هندسة البيئة الصفية وفق احتياجات الدروس ومتطلباتها المادية والبشرية. فالمفاهيم التي تحتاج إلى تعلم المشاريع لا يمكن أنّ نغفلها بحجة الظروف الصفية.
2- هل المجموعات مصنّفة وفقاً للقدرة؟
اعتماداً على المهمة التي ستكلف بها فريق العمل، قد ترغب حقاً بالأخذ بعين الاعتبار تصنيفهم وفق القدرة؛ فقد برهنت الدراسات أنّه في العديد من الحالات التي يكون فيها التجميع متعدد المستويات من الطلاب الأقوى والطلاب الأضعف لا تكون لها تلك الآثار التي نريدها، وذلك إذا كانت المهمة لا تتيح الفرصة لمستويات القدرات المختلفة للمشاركة على حد سواء، في حين أن السماح للطلبة الأقوى للعمل سوية يمكن أن يدفعهم للتقدم بشكل أفضل، و يمكن للمجموعة الأضعف أن تستفيد من دعم المُعلّم، و لا يمكن الاعتماد على الطلاب الأقوى للحصول على إجابات وقيادة المجموعة.
3- التفاوت في اختيار المجموعات بين المُعلّم والطالب:
إنَّها تجربة تعليمية مهمة للطلبة لخلق مجموعات العمل الخاصة بهم. لذا إن كان الاختيار يعود للطلبة بتشكيل الفرق فسوف يختارون العمل مع أصدقائهم، فهل هذا جيد؟ بالطبع نعم، ولكن ليس دائماً؛ لأنّنا نحتاج إلى تعليم الطلبة عملياً كيف يكون العمل التعاوني مع الأصدقاء بالرغم أنّ العمل مع الأصدقاء قد يُفضي إلى بعض القصور في النتاج المرغوب، ولكن التعلّم سيكون أكثر مرحاً ومتعةً معهم، فلا تفوت فرصة كهذه.
4- النظر إلى الاهتمامات المشتركة:
كمُعلّم، يمكنك معرفة الاهتمامات العامة أو المهارات لدى مختلف الطلبة داخل صفك. وفي أغلب الأحيان، لا يُدرك الطلبة كم لديهم من القواسم المشتركة. لذا فإن تصنيفك للمجموعات سيُسهم في توفير فرصة للحفاظ على بناء مجتمع الصف من خلال بناء علاقات جيدة بين الطلبة ذوي المصالح المتماثلة، و ستجد مفاجآت في النتائج المرجوة.
5- تصنيف الطلاب وفق المهارات التي تحتاج إلى تطوير:
يمكن تشكيل مجموعات تكون مهامها معتمدة على مهارات مختلفة، وذلك من خلال الاهتمام بالمهارة التي ينبغي أن تُنمّى لدى كلّ مجموعة. مثل العمل على مهارة التواصل الفعّال، أو حل المشكلات، أو التنظيم، أو إدارة الوقت. و قد يحتاج التركيز على الفهم أو اتباع التعليمات.
6- تصنيف المجموعات بشكل عشوائي تماماً:
يُحب الطلبة التصنيف العشوائي، ولكنّه مَضيَعةٌ للكثير من الفرص، لذا فمن الواجب أن نشرح للمتعلمين ما السلوك المتوقع منهم (الغرض)، وما الهدف من تصنيفهم إلى مجموعات نحن نحددها وفق مهامٍ تتعلق بالمهارات أو الاهتمامات كما ذكرنا سابقاً. كما نقوم بلفت انتباههم إلى أنّنا في الحياة كثيراً مانحتاج للعمل مع أناس لا نختارهم بإرادتنا، وهذا مهم لتعليمهم كيف يقومون بذلك.
يعمل هذا الأسلوب بشكل أفضل في المهام الصغرى والأكثر عمومية. ولكن ينبغي إعادة الدمج وفق استراتيجيات التجميع الأخرى. وحالما يعتاد الطلبة على ذلك ستقل شكواهم عند اختيار المجموعة وفق الغرض.
7- لا تستخدم أسلوب التجميع نفسه كلّ مرة!
يحتاج الطلاب إلى تعليمهم القدرة على التكيف مع التغيرات، لذا لا تفكر في أهداف الدرس وتنسى الأساليب التي سيتم فيها تجميع الطلبة، لأنّ التنويع في أساليب التجميع الملائمة مع النظر إلى الأهداف سيُمكِّنك من الحصول على أفضل النتائج.
8- لا تتجنب استخدام العمل الجماعي!
لن يتعلم الطلاب في المجموعات بشكل فعّال إذا كانوا نادراً ما يقومون بذلك. وبالرغم من أنّ الطلبة قد يصبحون أكثر فوضوية بخلاف عملهم كلٌّ في مقعده، إلّا أنّ أهداف التعلم ضمن المجموعة تستحق العناء من أجلها.
9- لا تستخدم العمل الجماعي في حال وجود نزاعات شخصية!
ليس من الحكمة أن نسعى لحل الخلافات الشخصية بين الطلبة من خلال وضعهم في المجموعات معاً، فربما يكون هناك طلاب يتنازعون دوماً، لذلك ابتعد عن دمجهم في المجموعة ذاتها؛ حتى لا تقف صراعاتهم الشخصية في وجه تقدمهم التعليمي. في النهاية أنت القادر على تحديد ما هو الأفضل لطلابك.
10- التواصل بين أفراد المجموعة:
إذا قمت بالتخطيط لمشروعٍ كبير يتطلب الاجتماع خارج الفصل الدراسي، من المهم جداً التفكير بالطريقة التي سيجتمع فيها الطلبة للعمل على هذا المشروع، كأن يتواصلوا عن طريق الإنترنت إذا كان بإمكانهم جميعاً الولوج إلى الشبكة، وبالتالي ينبغي العمل على إنشاء مجموعة عمل على أحد مواقع التواصل كالــ Gmail أوfacebook أو غيرها … ، كما أن البعض قد يحتاجون للاجتماع شخصياً. وهنا يمكنك اختيار المكان والزمان المناسبين والإشراف على هذه الاجتماعات شخصياً.
11- مهامٌ جزئية في كلّ مهمة أساسية:
عند تصميمك لأنشطة الصف (المهام التعليمية) التي ستوليها للمجموعات، خذ في الحسبان احتمال تفرد بعض الأفراد بالعمل عن قصد أوعن غير قصد، فترهقهم المهمة وينتابهم الشعور بالظلم فهم من يعمل دائماً والمكافأة (أو الدرجة) لكامل الفريق، في حين يبقى بقية أفراد المجموعة بلا عمل، مما قد يصيبهم بالتواكل، فيقومون بإهمال العمل ولا يديرون بالاً للمهمة. لذا وحتى تتحاشى نتيجةً كتلك، قسِّم المهمة الرئيسة إلى مهامٍ فرعية بحيث توكل لكلِّ عضوٍ في الفريق جزءاً من المهمة، وبالتالي يتم توزيع المسؤولية على الجميع. فكلٌّ مسؤول وكلٌّ محاسب.
12- لا تكن صلباً:
ضع في الحسبان إمكانية تعديل المجموعات حسب الحاجة، أو العودة إلى التعلّم الفردي إذا استدعى الأمر. فلا تكن صلباً في تقسيمك للفئات ولا تعتبره أمراً لا رجعة فيه، فالقدرة على الاعتراف بأهمية التغيير عند الضرورات شيء يمكن أن يتعلمه الطلبة من خلالك أيضاً.
ختاماً نرجو من القراء الأكارم إفادتنا بتجاربهم في هذا الجانب، وما يمكن أن يقدموه من نصائح أخرى لتعلم تعاوني فعَّال.
ترجم المصدر بتصرف