-->

attarbawia blog التربوية attarbawia blog التربوية
random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

واقع التعليم في المغرب.......

 

واقع التعليم في المغرب.......

يعرف التعليم المغربي أزمة خانقة منذ عدة عقود، حيث فشلت كل المحاولات
الإصلاحية في إخراجه من النفق المسدود الذي و صل إليه بسبب السياسات
التعليمية المرتجلة و المتعاقبة… إزاء هذه الوضعية الشاذة يبقى التلميذ هو
الضحية الأولى و الأخيرة لكونه لم يعد يرى في التعليم سوى فضاء لتفريغ
الآلاف من المعطلين، مما يدفعه إلى التساؤل بإصرار عن مصيره في التعليم و
آفاق التعليم.

إن التشخيص الدقيق لوضعية التعليم في المغرب، يتطلب الوقوف على مختلف
مكونات هذا النظام: ( وضعية المؤسسات التعليمية، المنهج التعليمي، وضعية
الموارد المالية و البشرية و طرق استغلالها و تدبيرها). إذ أن الوضعية
التعليمية في المغرب مرتبطة بالخيارات السياسية و الاقتصادية، التي طبقتها
الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من عقود. فالتعليم جزء من البنية المجتمعية
العامة يؤثر في الواقع و يتأثر به، و السياسة التعليمية ماهي إلا انعكاس
لسياسة الدولة المطبقة في مختلف القطاعات الأخرى. و قد استهدفت السياسات
التعليمية المتبقية في بلادنا منذ الاستقلال، تعزيز السلطة السياسية عن
طريق سلطة المعرفة، مما تسبب في إهمال النظام التعليمي و بروز الكثير من
الاختلالات البنيوية.

و بالتالي فان التعليم في المغرب عبارة: عن مؤسسة تقوم بإنتاج و إعادة
إنتاج و تكريس نوع من الفراغ، في ظل الشروط العامة المرتبطة بالسياسة
السائدة للبلاد، و التي أدت إلى نوع من التيئيس و الإحباط لدى التلاميذ،
لعدم ارتباط التعليم بالشغل و التنمية. مما أدى إلى فصل تام بين العملية
التعليمية و بين الأفاق التي نعرف جميعا أنها آفاق مسدودة هذا من جهة، و
من جهة ثانية نجد أن المنظومة التعليمية غير منسجمة حيث نلاحظ أن هناك
تعليما عموميا و تعليما خاصا. الأمر الذي جعل المؤسسات التعليمية مرتعا
للظواهر الشاذة كالميوعة و الغش في الامتحانات، و تدني مستوى التلميذ الذي
يسيطر عليه هاجس الهجرة إلى أوروبا كحل وحيد، و أوحد بالنسبة له للإفلات
من قائمة ضحايا التعليم بالمغرب. بسبب:

1) فقدان الرغبة الحقيقية في التعليم نظرا لتدهور النظام التربوي، الذي
بات يعتمد في مناهجه على نظم تقليدية محددة و جامدة، تقتل روح البحث و
الاستقصاء و الإبداع. دون أن ننسى أن نظام الامتحانات الموروث لم يخضع لأي
إصلاح منذ نشأته، و قد اثبت قصوره في قياس قدرات الطلاب و تقييم مستوياتهم.

2) سيطرة المنهج المادي على الفكري والتربوي جعل المعرفة معزولة عن
الحكمة، و أدى إلى ضياع الجانب الأخلاقي و الديني، و بضياعه انحصر دور
التربية في نقل المعلومات و التدريب على قدرمن المهارات.

3) افتقار الأستاذ إلى الحرية و العفوية في طريقة إلقاء الدرس قصد توجيه
التلميذ في مسار سليم، و بهذا يفتقد كل صفات القدوة الحسنة و الدور
القيادي الرائد، فيخرج حاملوا الشهادات إلى الحياة بغير تعليم حقيقي و
بغير تربية صحيحة.

إن آفاق التعليم بالمغرب تتحكم فيه عدة عوامل ذاتية و موضوعية بالمغرب، و
يمكن حصرأهم هذه العوامل في: فرض المقررات بشكل صارم، افتقار المؤسسات إلى
المرافق و التجهيزات المساهمة في توفير ظروف تسمح للتلاميذ بالمشاركة و
العمل، إهمال إعادة تطوير الأطر التعليمية بشكل منظم و جاد، تكريس الأنشطة
الغير المناسبة لمستوى و أعمار التلاميذ، نهج الوسائل التربوية الغير
الصالحة للتلاميذ، التأخر الدراسي. بالإضافة إلى عدم اطمئنان التلاميذ على
مستقبلهم خاصة تلاميذ التعليم الثانوي، تكريس العلاقة السلطوية التي تؤدي

 
إلى عقوبات تأديبية تصل إلى حد الطرد…

إن الأهداف التعليمية التي بدأ الخطاب التربوي الرسمي تحديدها هي أهداف لا
تنطلق من دراسة الواقع النفسي و الاجتماعي للتعليم المغربي، أو دراسة
المستوى العقلي للتلميذ، بالإضافة إلى افتقار المؤسسة التعليمية إلى الحد
الأدنى من الوسائل التعليمية، و طغيان هاجس الامتحان على النشاط المدرسي و
الانشغالات التلاميذية، غياب الانسجام و التكامل و التفاعل بين المواد و
استجاباتها لحاجات العصر و المجتمع، خنق الطاقات التربوية و عدم فسح
المجال أمام المبادرات و الإبداع. دون أن ننسى الطرائق التعليمية المقحمة
التي لا تخلق علاقات تربوية نوعية تسمح بالاشتراك الفعلي للتلاميذ في
التحضير و الإنجاز.

و بالتالي فان النظام التعليمي التربوي هو خليط من رؤى و تصورات يعود
اغلبها إلى القرون الوسطى، يتم تلوينها أحيانا بقيم الحداثة و التقدم. دون
أن تتمكن من إعطاء نفس قوي لتكوين جيل قادم.. قادر على تحدي الصعاب… ثم إن
الاجتهادات في الحقل التربوي حتى الآن لم ترقى إلى مستوى الاستجابة
الفعلية لطبيعة الطفل و المراهق المغربي. إذ أن كل نظام تعليمي محكوم
بإيديولوجية توجهه لإنتاج نمط الإنسان الذي يحافظ عليها و يضمن لها
الاستمرارية. فالإيديولوجية الرسمية التي تمرر من خلال النظام التعليمي،
والتي تفرض قنوات إعادة إنتاج الوعي الطبقي المدافع عنها، و الثقافة
الممنهجة التي تخدم مصالحها.

وإذا كانت العلاقة التفاعلية بين التلميذ و الأستاذ تعتبر بؤرة أي عملية
تعليمية، بحكم الأنشطة و الممارسات التي يقوم بها الطرفين، إما عن طريق
الشراكة أو من خلال تمركز التعليم أو التعلم حول المعلم و التلميذ، و ذلك
في العلاقة مع وسائط تتمثل في المحتويات و الوسائل و الدعم. فمن جهة نجد
أن التلميذ يلقي باللوم على الأستاذ عند الفشل بحكم المحتويات التي يطلب
منه تحصيلها، وعلى عدم تلبية المؤسسات التعليمية لحاجياته المعرفية و
النفسية. و المعلم يجعل التلميذ مشجبا يعلق عليه انحصار مردوديته، فيلومه
على مستواه الدراسي و عدم جديته، و التجائه إلى الغش في حصص التكوين. كما
أن تعذره في إنجاز عمله يرجع إلى طبيعة المنهج الدراسي الذي يغلب جانب
الكيف و يفرغ التعليم من محتواه المعرفي، و ذلك بتغليب الجانب التقني على
الجانب المعرفي. كما يلجا أحيانا إلى اعتبارات

( خارج تربوية) المتأرجحة بين ارتباط أفراد المجتمع بمنظومة القيم التي يأخذ بها، و بروز قيم سلبية تكرس الكسل و الاتكال و الغش….

إن آفاق التعليم بالمغرب لا يمكن أن تتضح إلا بدمقرطة المجتمع المغربي،
إلا بارتباط التعليم بمسلسل التنمية، إلا بعصرنة المدرسة المغربية و ربطها
بالتطور التكنولوجي العالمي. و رغم أن إصلاح التعليم يعد من الاهتمامات
المستمرة للمجتمعات و التي تعكس طموح و تطورات حاجيات الشعب السياسية و
الاقتصادية و السوسيوثقافية، خاصة في ظل التحولات السريعة التي يعرفها
العالم.. أي أن الإصلاح يجب أن يهدف إلى تحقيق جودة التعليم، الذي يعتبر
من الأهداف الأساسية لأي اصلاح.. و هو المعيار الحقيقي لنجاح الإصلاح الذي
يجب أن يعتمد المضمون بدل الشكل، و أن يعالج الأهداف النوعية بدل الهاجس
الكمي و الهاجس الأمني، إذ أن البرامج التعليمية يجب أن تكون ملائمة
لحاجيات المجتمع، و متطلبات التنمية الاقتصادية الوطنية الشاملة لدفاع على
المكتسبات و تحديث التعليم و مواجهة تحديات القرن 21…

لكن تبقى في الواقع مجموعة من الأسئلة دائمة و قائمة و عالقة مثل: هل وجود
تعليم مغربي خالص لايزال بعيد المنال؟ بحكم طبيعة النظام التعليمي في
المغرب. هل يمكن اعتبار المدرسة المغربية معلما للفشل ؟ مادام المتعلم لا
يحظى بالاهتمامات الأولى للذين يصنعون البرامج ؟ هل العلاقة بين الأستاذ و
التلميذ علاقة إنسانية؟ هل المدرسة المغربية وجدت من اجل التثقيف أو من
اجل التوظيف؟ هل هناك صلة بين المدرس بصفته الشخص المباشر للتلميذ و أسرة
هذا الأخير؟ هل المدرسة أداة لتطوير المجتمع و ليست مسالة بروتوكول؟ إلى
متى ستظل المدرسة لا تنتج إلا جيشا من المعطلين……..

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زوار المدونة

زوار المدونة

إحصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

attarbawia blog التربوية

2016