خطوات التحقيق:
الخطوة الأولى: جمع النسخ وترتيبها: ونقصد النسخ المخطوطة الموجودة, الباحث حين يختار مخطوطة بعينها, ويعقد العزم على تحقيقها يبدأ بجمع المتاح من نسخها الموجودة في المكاتب ومراكز جمع التراث الإسلامي في المملكة أو في الدول الأخرى, المحقق حين اختياره للمحقوق أن ينتبه لأمور, عليه أن يراعيها ويلتزم بها:
أولاً: أن يأخذ حذره من أن يكون المخطوط قد نشر مسبقا: وذلك بالرجوع إلى المصادر والكشافات الخاصة بالمكتبات التي تساعده في الدلالة على ذلك, ذلك أن بعض المخطوطات تم تحقيقها من ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة ولم تطبع إلا طبعة واحدة أو طبعتين ثم نفذت هذه الطبعات ولم يعرفها المتأخرون من أهل البحث, فيأتي أحد الباحثين ويروق له وموضوعها ومجالها فيتخذ قراراً بتحقيقها, ويشرع في ذلك فإذا ما بدأ في عمله يأتيه من يخبره بأن المخطوط قد حُقق وأنه أعاد العمل, فإذا تبين له انه حُقق و لا زال في قلبه تعلق بتحقيقه لا بأس أن يطلع على نسخة من عمل المحقق السابق فيقرر إن كانت بحاجة إلى تحقيق آخر, قد يكون التحقيق السابق لم يستوفي الإجراءات المنهجية المطلوبة، فيكون ذلك من باب إتمام العمل وإكماله و تظافر العلماء المحققين في إخراج التراث الإسلامي بالصورة الصحيحة.
ثانياً: يجب أن يراعي المحقق وهو يختار المخطوطة أن تكون ثقافته وخلفيته واقعة ضمن دائرة موضوع المخطوط الذي يود العمل فيه, لأن مصطلحات كل علم لا يدري بها إلا المختص بها, إولذلك ليس من السائغ أن يأتي شخص غير متخصص في النحو والصرف ودرايته بذلك متواضعة حتى لو كان ضليعا في مناهج البحث العلمي ثم يجد إحدى المخطوطات في النحو والصرف ويقرر أن يقوم بتحقيقها.
ثالثاً: يجب أن يتأكد المحقق أن للكتاب الذي يريد تحقيقه نسخا عديدة، أو على الأقل نسخه مخطوطة متواترة يسهل الحصول عليها, وأن لا يكون ذلك الكتاب مفقوداً, وأن يأخذ فكرة عن الكتب التي أشارت إليه أو ذكرته, والذي يدل الباحث وطالب العلم على مخطوطة: الكشافات التي ذكرته أو إشارة بعض العلماء السابقين أو نقلهم من هذا الكتاب الفلاني لفلان, فيؤخذ اسم هذا الكتاب باعتباره مخطوطاً لمؤلف عاش في قرن معين ثم يقرر الباحث أن يحقق هذه المخطوطة, وكلما تيسر للباحث نسخا أكثر عن المخطوط كلما كان ذلك سبيل إلى إيجاد التحقيق وإتقانه وضبطه, لأن النسخ العديدة للمخطوط التي تتجاوز ثلاث نسخ أو أربع أو خمس نسخ يحصل بالمقارنة في ما بينها تتميم النقص ومعالجة الاختلالات والاضطرابات، باعتبار أن النساخ الذين كتبوها يختلفون في دقته.
رابعاً: مما يعينه على ذلك أن يطلع على الكتب التي وصفت له تلك المخطوطة وتكلمت عنها، حيث يجد الباحث معلومات مهمة تعينه على فهم هذه المخطوطة وتعينه على الوصول إليها.
بعد أن يفرغ المحقق من تحديد أماكن وجود النسخ، يبدأ في جمعها من خلال معرفة أماكن وجودها والكيفية التي من خلالها يستطيع أن يحصل على صور منها, ومن أهم هذه المكتبات والمراكز, أو من أهم الكتب والموسوعات والكشافات التي ذكرت تلك المخطوطات وتدل على أماكن تواجدها :
كتاب تاريخ التراث العربي للأستاذ فؤاد تزكيم, وهو مؤلف تركي ضليع بذل جهد عظيماً في جمع التراث العربي الموجود الذي لم يحقق في ستة مجلدات, وقد أخذ على هذا الجهد جائزة الملك فيصل العالمية, كذلك قاعدة معلومات المخطوطات العربية في العالم التي أنشأها الملك فيصل منذ فترة وجعلها في خزانة اسمها خزانة التراث, كذلك معهد المخطوطات العربية بالقاهرة, وهو معهد قديم له عناية بالغة بتلك المخطوطات ويوجد فيه كثير من المخطوطات النادرة, أيضا مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
أيضا: فهارس المخطوطات المختلفة الموجودة في ثنايا بعض الكتب أو المؤلفة استقلالا, أيضا سؤال المتخصصين من أهل العلم، فكثير من المعلومات موجودة في رؤؤس الرجال من أهل التخصص.